كانت حرفة الرعي من الحرف المهمة فيقوم راعي الغنم بالاعتناء بقطيع الاغنام والخراف والماعز ويتخير لهما أوفر المراعي واطيبها سواء في المناطق الصحراوية أو في المناطق التي تنمو فيها الحشائش . وتعد هذه المهنة اقدم المهن التي عرفها البشر على الاطلاق فقد كان نبي الله آدم ابو البشر اول راعٍ للغنم على وجه الارض . كما امتهن كل الانبياء مهنة راعي الاغنام في أوقات من حياتهم قبل بعثتهم منهم نبي الله شعيب ونبي الله موسى ( عليهم السلام ) والنبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وفي الحديث الذي رواه الامام البخاري عن ابي هريرة ( رضي الله عنه ) عن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قال : مابعث الله نبياً إلا رعى الغنم فقال اصحابه وانت يارسول الله فقال نعم كنتُ أرعاها على قراريط لأهل مكة.لرعي دور مهم في العصور القديمة في اقتصاد بلاد الرافدين فضلا عن  اللحوم والجلود واجزاء الجسم الصالحة للاستخدام ومنتجات الالبان ، فقد دعمت الماشية الانشطة الزراعية والنقل ، فقد كانت الاغنام مصدراً للالياف لصناعة النسيج على وجه الخصوص وكانت تربية الاغنام من بين الجوانب الاكثر انتاجية في اقتصاد بلاد الرافدين ، لان المنسوجات كانت مصنوعة بشكل اساسي من الصوف ، كان الرعي مرتبطاً بشكل كبير بالمستوطنات الزراعية متبعاً مسار المجتمعات الزراعية الرعوية التي ميزت المنطقة منذ عصور ماقبل التاريخ . بشكل عام ، كان الرعي في الغالب يتخذ شكل الرعي المحلي في العصر البرونزي المبكر في بلاد الرافدين ( 3300 - 1200 ق.م )([1]) ، لقد اظهرت الادلة الاثرية علو المكانة الاجتماعية للراعي في بلاد الرافدين واهمية هذه المهنة في المجتمع العراقي ، وكان للرعاة موضع اهتمام كبيرة من قبل مؤسسات الدولة فقد شرعت لهم القوانين وحددت حقوقهم وواجباتهم واجورهم لضمان عدم استغلالهم من قبل اصحاب الماشية فضلاً عن ذلك فقد ذكرت النصوص الادبية والدينية في بلاد الرافدين العديد من الامثلة والاشارات التي تدل على دور الرعاة في المجتمع العراقي القديم حتى ان الآلهة وصفت نفسها بانها ترعى العالم السفلي والعلوي .    اولى العراقيون القدماء اهتماما في توثيق معاملاتهم الاقتصادية والاجتماعية من خلال كتابة العقود المتنوعة حِرصاً منهم على تثبيت حقوق الاطراف المتعاقدة وتعدُّ عقود الرعي من العقود المعروفة في بلاد الرافدين وهي نوع من العقود الاقتصادية تُبرم بين الراعي ومالك الماشية ويتم بموجبها تحديد اعداد الماشية وتثبيت حقوق الراعي وواجباته والشروط الجزائية في حال فقدان الماشية أو خسارتها ، وكان لعقود الرعي اهمية كبيرة في معرفة الكثير من حياة الرعاة والقطعان في بلاد الرافدين كما اظهرت لنا علاقة القانون بالحياة اليومية للرعاة واصحاب الماشية ، وكانت النصوص المسمارية هي المصدر الاساس في هذه الدراسة فضلاً عن بعض المؤلفات العلمية التي تناولت موضوع الرعي والرعاة ، واعتمدنا في دراستنا على المنهج الوصفي .