دراسات فی الوثائق الاسلامیة
الملخص
تعتبر الوثائق من اول المصادر المهمة لدراسة التاریخ الاسلامی ، لانها تحوی مادة تاریخیة أصیلة ، ونقصد بها على الخصوص الأوراق الرسمیة ، کالرسائل والمنشورات والسجلات والاحکام القضائیة ، و النظم المالیة والفتاوی الدینیة والمعاهدات السیاسیة والمراسیم وعهود التولیة لکبار الموظفین من وزراء وولاة و قواد ، ومع ذلک فان الکثیر من هذه الوثائق سواء المکتوبة باللغة العربیة ام بغیرها قد فقدت على الرغم من أهمیتها الکبیرة فی دراسة التاریخ الاسلامی ، و لعل السبب الرئیسی فی ضیاعها واتلافها یرجع إلى أن العالم الاسلامی ، بعد أن کان وحدة سیاسیة الى اخر عهد الدولة الأمویة فی سنة ۱۳۲ هـ 750م .
انقسم على نفسه نتیجة لظهور الصراعات بین المسلمین والتعصب الدینی عند غیر المسلمین مما أدى إلى فقدانها او تزییفها ، ولاسیما فی فترة حدوث انفصال أقالیم عدیدة عن الدولة الإسلامیة ، فالوثائق التاریخیة الأولى لا تزال مجهولة لدینا ، ولم یبق منها غیر القلیل مبعثرة و متناثرة فی کتب المتأخرین . و على الباحثین فی التاریخ الاسلامی الا یترددوا فی البحث عنها (الوثائق) و نشرها ، وجمع ما وجد منها فی کتب المتأخرین لانها هی السبیل الرئیس لایصالنا إلى الحقیقة السلیمة.
وسنحاول دراسة الوثیقة التاریخیة ، التی نسبت إلى الخلیفة عمر بن الخطاب تارة والى قائده أبی عبیدة بن الجراح تارة أخرى ، و التی تناقلها الفقهاء والمؤرخون المسلمون والمستشرقون ، و اختلفوا فی نسبتها ، فمنهم من اعتبرها وثیقة أصدرها الخلیفة عمر لتحدید العلاقة بین المسلمین والنصارى ، و منهم من أنکر على الخلیفة عمر أن یصدر مثل هذه الوثیقة، لاسیما وانه کان من أشد الخلفاء الراشدین رحمة بالنصارى وغیرهم من أهل الذمة . ولنا فی أقواله ووصایاه فیهم خیر دلیل على ذلک. فقد روی عنه عند وفاته انه قال (أوصی الخلیفة من بعدی بذمة رسول الله ان یوفی لهم بعهدهم وأن یقاتل من ورائهم ولا یکلفوا فوق طاقتهم).