هذا البحثُ محاولةٌ للتتبع توظيف الاستعارة في فن الرسائل التي مثلت ظاهرة في عصر الموحدين، إذْ إنَّ للرسائل في عصر الموحدين أهمية أخرى فوق أهميتها من حيث كونها جنسًا أدبيًّا نثريًّا قديما، فقد أرخت وبلغة فنيَّةٍ عالية لعصر مهم من عصور الأندلس التأريخية والأدبية، ولذلك فقد وقع الاختيار على رسائل الموحدين لتكون ميدانًا لبحثي، متتبِّعةً مواضع توظيف فنِّ الاستعارةِ في لغة تلك الرسائل، وهنا لا بُدَّ من وقفةٍ قصيرةٍ على عيّنةِ البحث، وهي رسائل الموحدين، وهي مجموعةٌ من الرسائل الديوانية التي تبادلها خلفاءُ الموحدين مع عمَّالهم، إِبَّان ظهور الدولة الموحديّة وازدهارها وبسطِ نفوذها على أجزاءٍ كبيرةٍ من بلادِ الأندلسِ والمغرب العربي في شمالِ أفريقيا(541-668ه)، وسأتحدثُ عنها في المدخل بصورةٍ موسَّعةٍ على وفقِ كونها متعلِّقةً بعيّنةِ الدراسةِ والبحثِ.وقسّمت البحث على ثلاثةِ مباحثَ رئيسةٍ تبعاً لنوعِ الاستعارة، فكان المبحث الأول في بيان بلاغة الاستعارة التصريحية، في حين كانَ المبحث الثاني مخصّصاً لبيان بلاغة الاستعارة المكنية، وأمّا المبحثُ الثالثُ فكانَ في بيانِ بلاغة الاستعارة التمثيلية.وانتهى البحث بخاتمة أجملت فيها أبرز نتائج البحث، ومن الجدير ذكره في هذا المقام أني اعتمد مبدأ الاختيار لنماذج التحليل في متن البحث، إذْ إنَّ العينة تحوي أمثلة كثيرة.