مظاهر الحضارة العربیة فی معجم المخصص لابن سیدة الاندلسی
الملخص
اهتم العرب بلغتهم فأخذوها نقلا عن الاعراب شفاها ، ثم احتاجوا لأن بیحفوها مسجلة خوف التغییر والضیاع ، وقد نقلوا فی هذا کثیرا من غریب اللغة ، فارادوا تفسیر معانیه ، فرجعوا إلى لغة العرب یطلبون شرح ذلک الغریب ، ومن اول المحاولات فی ذلک محاولة الامام ابن عباس المتوفی (سنة 65هـ) ، ففسر ذلک الغربب بما استحضره من الشعر الجاهلی ، ثم جمع ابو عمرو بن العلاء شعر العرب ولغتهم ، إلى أن استطاع الخلیل بن الفراهیدی المتوفى سنة(175هـ) أن یجمع تلک اللغة ویبوبها فی کتابه العین، بطریقة منطقیة إذ رتب کتابه على الحروف العربیة مبتدئا بحروف الحلق : العین والجیم .. الخ ومستخرجا من کل أصل ثلاثی خمسة أصول اخرى فمادة (جبر) مثلا قلبها الى:جرب وربج ورجب ویجر وبرج .. واذا لم یجبر لأصل من تلک الأصول استعمالا فی لغة العرب ، أهمله وکتب علیه انه غیر مستعمل ، ثم تبعه کثیرون بطریقته تلک - على اختلاف بینهم فی المناهج - وهذه هی الطریقة الأولى فی النظام المعجمی العربی ، ثم تاتی طریقة الحرف الأخیر فی الکلمة وعلیها الصحاح واللسان ، والطریقة الثالثة هی طریقة الحروف الهجائیة : أ ، ب ، ت ، ث :: الخ وعلیها أساس البلاغة ومختار الصحاح .
أما الطریقة الرابعة وهی طریقة توزیع الألفاظ على المعانی ، وهی وان کانت قدیمة والعلماء الأوائل وضعوا کتبا فیها ، مثل کتب خلق الانسان ، وکتب الخیل ، و کتب النبات ، فان هذه الطریقة متبلورة تتمثل حیاة الإنسان بتفاصیلها عند الثعالبی فی فقه اللغة ، وعند ابن سیدة فی المخصص الذی سنعرضه هنا ، فالمعجم تسجیل الحیاة الناس بکل تفاصیلها ، فالکلمات المفسرة فیه ، إنما هی مستنبطة من لغة الناس المعبرة عن حاجاتهم الیومیة لدراسة الألفاظ لها قیمتها فی اعطاء تصور عام عن حیث العصر الذی وضعت فیه ، وبسبب تطور الحیاة تظهر المستدرکات على المعجمات فتثبت کلمات لم یذکرها المتقدم ، اذ قد نقلها ناس ذلک العصر عن غیرهم ، أو اشتقوها من کلمات أخرى ، او ولدرها على أسس الکلام العربی ، ولهذا اتصفت العربیة بانها لغة متطورة وقابلة للنمو عن طریق : الاشتقاق والتعریب والتولید والنحت ، ولهذا أیضا قد تموت کلمات کان الناس بستعملونها فی عصر مقدم بها التطور الحیاة .