اسلام اهل الطائف
الملخص
تقع مدینة الطائف فی اقلیم الحجاز من شبه جزیرة العرب على جبل غزوان من جبال السراة على بعد خمسة وسبعین میلا إلى الجنوب الشرقی من مکة . وهی مرتفعة عن سطح البحر نحو ستة الاف قدم .وتتمتع الطائف بمناخ معتدل وتوافرت فیها المیاه العذبة المساعدة على أزدهار الزراعة لذا وصفت بعض المصادر الطائف بأنها : مدینة صغیرة متحضرة ، میاهها عذبة ، وهواؤما معتدل ، وفواکهها کثیرة ، وضیاعها متصلة ... ") .وقد أشیر إلى أن موقع مدینة الطائف على طریق القوافل التجاریة بین الیمن وبلاد الشام قد اعطاها اهمیة تجاریة تجعلها قریبة لمدینة مکة فی هذا المجال ، غیر ان توافر العوامل المساعدة على الزراعة فی الطائف شجع قسما کبیرا من اهلها على الاشتغال بالزراعة . ومن ثم غلب على أهل الطائف الاشتغال بالزراعة أکثر من الاشتغال بالتجارة .وقد ساعدت الظروف الجغرافیة الآنفة الذکر على اجتذاب الناس للسکن فی الطائف منذ عصور موغلة فی القدم ، وکانت اخر القبائل العربیة التی استقرت فی الطائف قبل ظهور الاسلام هی قبیلة ثقیف، وهی من القبائل العربیة العدنانیة التی ترتبط بصلة النسب بقبیلة قریش وغیرها من القبائل العربیة الشمالیة .ویبدو من شیوع اسم الطائف عند العرب قبل الاسلام وعصر الرسالة أن هذا الاسم قد ظهر منذ زمن بعید. وربما کان سبب تسمیتها بهذا الاسم انه کان فی هذه المدینة وثن یدعی اللات ، وان ثقیفا وغیرها من القبائل المشرکة کانوا یعظمون بیت اللات ویطوفون حوله ، فاطلق اسم الطائف على المدینة لأن الناس کانوا یطوفون فیها حول اللات تعبیرا عن قداسة المدینة وحرمتها . لذا فقد حرص اهل الطائف على تأکید حرمة مدینتهم وقداستها کما کانت تفعل قریش بالنسبة لمدینة مکة .وبالنظر لقرب المسافة بین مدینة الطائف ومدینة مکة ، وحاجة الاخیرة الى منتوجات الطائف الزراعیة فقد نشأت علاقات اقتصادیة وطیدة بین المدینتین فضلا عن العلاقات الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة والدینیة . لذا فقد ظهرت المدینتان فی عمر الرسالة الاسلامیة وکأنها تمثلان جبهة واحدة وخاصة فی مجال التعصب العقیدة الشرک ومقاومة الدعوة الإسلامیة .وهکذا فقد أندفع اهل الطائف لمحاربة المسلمین بعد فتح مکة فی سنة 8هـ فی معرکة حنین على امل ایقاف انتشار الاسلام فی دیارهم الا ان نتیجة المعرکة جاءت لغیر صالحهم وقد حاول الرسول (ص) أن یستثمر هذا الانتصار من أجل فتح مدینة الطائف الا أن متانة اسوار الطائف وصمود ثقیف فی وجه الحصار قد حالا دون تحقیق ذلک ... لذا فقد فضل الرسول (ص) فک الحصار العسکری عن مدینة الطائف وأخذ یمارس علیها ضغطا سیاسیا واقتصادیا من اجل حملها على تغییر موقفها المتعنت من الاسلام .