بلاغة الإقناع فی الخطاب الکنائی ــ خطبة الإمام علی(علیه السّلام) فی صفّین أنموذجًا ــ
الملخص
بوصف البلاغة عملیة إیصال فی الکلام الحسن الفعال ، فهی تعنى بالوسائل التی تروم التواصل مع المتلقین على أکمل وجه فتقترن بالضرورة الإبلاغیة بصفتی : الإقناع والإمتاع ، لیشکلان معاً مستوى من التضایف الصّوری فی مضمار الخطاب البلاغی وأسهمت فی :-الإفادة البلاغیة المنتجة من المعانی العقلیة بوصفها معانی مقنعة ، تکمن فعالیتها فی مدى تأثیرها بححج فکریة مثیرة للانفعالات النّفسیة فی دائرة التواصل الکلامی ؛ لیؤول هذا التواصل الى وظیفة اقناعیة للخطاب البلاغی الذی یأخذ أشکالا عدّة فی تقنیة الإجراء البلاغی منها ناتج عن :علاقات بأقیسة بیانیة من تشبیه ومجاز وکنایة أوعلاقات ذهنیة فی توافق أو تضاد وغیرها . -تبلور المعانی الحجاجیة (الإقناعیة) الحاصلة من إعمال العقل وصولاً الى المعنى الکنائی الذی هو تحصیل ذهنی من عملیة انتقال بعلاقة المجاورة الى المعنى المکنّى عنه ، وبالنتیجة تعدّ عملیة خاضعة لمبدأ الاستدلال والتعلیل فی إنتاج المعانی الذهنیة ، ولا یقتصر إنتاج صور الکنایة فی الإفادة على عملیة عقلیة محضة بل تتوسل المتعة الفنیة بخاصیتی : الخفاء والغموض ، مما یزید على أطراف المعانی ظلالاً ؛ فیمتد الخیال لإدراک إیحاءات الکلام ومقصوده .-صیاغة العبارات فی مضمار خطبة الإمام علی ـ کرم الله وجهه ـ مکتنزة بصور کنائیة وأسالیب متنوعة وفریدة ، استغرقت کل المعانی المتوخاة لفکرة القتال والحرب حاشدا لها : صوراً کنائیة بمستلزمات الحرب وأدواتها القتالیة ، وصوراً کنائیة أحاطت بمعطیات الحرب وتداعیاتها ، مسخراً لها طاقة تعبیریة فذة تضایفت مع وسائل بیانیة من التشبیه والاستعارة ، فضلاً عن توظیف إیقاعی من صور التّضاد والتکرار توافقت مع حرکة المعانی الکامنة فی النفس التی یروم الإمام إیصالها ، فتساوقت جمیعها مع اعتبارات : عقدیة دینیة وعرفیة اجتماعیة ، حققت الغایة المرجوة من الخطبة فی التأثیر وقبول الفکرة والاستجابة المناسبة للحدث .