ثقافة الخلیفة العباسی المأمون وأثرها فی سیاسته الداخلیة والخارجیة
الملخص
مما لا ریب فیه أن الموقع الأول فی الدولة هو الأکثر خطورة وأهمیة فی بنیة الدولة والمجتمع، إذ لابد لصاحب هذا الموقع من أن یترک بصماته الشخصیة على هذین الصعیدین - أی الدولة والمجتمع - حتى بات ذلک میزة لا یستثنى منها حاکم فی أی من أنظمة الحکم ،قدیما وحدیثا. ولغرض فهم طبیعة هذه البصمة أولا، وتفسیر الوقائع ثانیاً، لابد من التعرف على شخصیة القائم على الحکم، وتأتی ثقافته ومکوناته المعرفیة أحد أهم الملامح التی یلزم تقصیها، لأنها تشکل الأرضیة الفکریة التی فی ضوئها یتخذ قراراته وأوامره، وکلما کانت هذه القرارات والأوامر أقرب إلى الفردیة، کانت بصمة القائم على الحکم أکثر وضوحا، وبالتالی فان مکوناته الثقافیة والمعرفیة تکون أکثر حضورا. وهکذا کانت شخصیة (الخلیفة) الأکثر تأثیرا فی سیاسة الدولة الإسلامیة ولاسیما فی المراحل اللاحقة للخلافة الراشدة حیث أصبحت الشورى فیها أضعف فی رسم السیاسة العامة للدولة . ففی الأحوال کلها فان (رأی الإمام یرفع الخلاف). وقی ضوء ما تقدم فان الخلیفة العباسی المأمون (195- 218هـ) یعد نموذجا جلیا یکشف أثر المکونات الثقافیة والمعرفیة فی السیاسة العامة للدولة.