النخلة فی حضارة وادی الرافدین
الملخص
یعد العراق فی طلیعة الأقطار المالکة للنخیل فی العالم، کما کان ولا یزال من المناطق المشهورة بجودة تمورها وکثرتها فی مختلف مراحل التاریخ .وقد عرف الإنسان هذه الشجرة منذ أقدم عهود الاستیطان فی جنوب العراق فأولاها عنایته واهتمامه وتوارث الأبناء عن الآباء الخبرات فی هذا المجال، کما دونت فیما بعد وبالخط المسماری بعض التعلیمات التی تبین ما یجب اتباعه للأبقاء على هذه الشجرة وتحقیق اکبر فائدة منها ، وعندما صدرت الشرائع فی العراق القدیم کانت بعض احکامها خاصة بهذه الشجرة لاجل الأبقاء علیها وتنظیم انتفاع الناس منها . لقد قدس سکان وادی الرافدین النخلة وتبرکوا باتخاذ قرارات الفصل فی احوالهم الاجتماعیة تحتها ، واعتقدوا أن زمن وجودها قدیم جدة برقی إلى عهد اول ملک اختارته الآلة لیحکم فی الأرض حیث قام بزراعتها فی قصره وعند بوابة المدینة . وکان من مظاهر تقدیسهم للنخلة اقامة احتفالات لها خلال السنة کان من بعض مظاهرها تزیین النخلة وتطویقها باشرطة معدنیة . أن نتبع رمز النخلة فی مختلف المراحل الحضاریة القدیمة اظهر مدى انتشار مؤثرات وادی الرافدین الحضاریة إلى مناطق مجاورة وعدیدة من العالم القدیم، فمثلا کان اتخاذ قرار الحکم فی مشکلة ماتحت النخلة تقلیدا فی حضارة وادی الرافدین اخذت به (دیبورا) وکان تزیین النخلة بالأشرطة المعدنیة فی الاحتفالات قد استمر کتقلید فی المراحل الحضاریة اللاحقة ووجد ما یماثله فی شبه الجزیرة العربیة فی منطقة نجران خلال العصر السابق للاسلام ورفع السعفة بالید تقلید تعارفت علیه شعوب العالم القدیم متأثرة بحضارة وادی الرافدین ولازال مستمرة حتى یومنا هذا حیث ترفع السعفة بالید او تثبت فی مواقع بارزة فی المیادین والطرق الرئیسیة فی المناسبات والاحتفالات . ولعل من ابرز ما قدمته هذه الدراسة تحلیل معنى العنصر الفنی (علامة العریف - الشفرون chevron ) او العلامة الشاریة والتوصل ولاول مرة الی تشخیصه کرمز یدل على فصوص قرون الحیوانات ، کان معناه فنیا و کتابیا : (الحیویة) و(التکاثر) و(النمو) و(الحضویة) وهو بذلک بمائل العنصر الفنی الذی استخدم ایضا کعلامة کتابیة (عنخ) فی حضارة وادی النیل والذی کان معاه (الحیاة).