حول الموقف العثمانی فی الاطماع الصهیونیة الاستیطانیة فی فلسطین 1876-1908
الملخص
شهدت البلاد العثمانیة عموما ومنها بلاد الشام تطورات مهمة خلال القرن التاسع عشر وذلک فی أوضاعها الاقتصادیة والاجتماعیة ، وقد کان هذا التطور واضحا فی اتساع حجم التجارة وتطور وسائل المواصلات و نمو طبقة الملاکین فی المدن وزیادة فعالیاتها الاقتصادیة والسیاسیة . وفی موجة المد الاستعماری الغربی الحدیث للسیطرة على العالم اعتبرت الدولة العثمانیة التی کانت تعانی من اضطراب عام فی مؤسساتها کافة مجالا حیویا للنشاط الاستعماری. وهکذا یمکن تعقب الخطوات الاستعماریة خطوة خطوة وذلک من خلال ابراز اوجه التدخل المختلفة التی رسمتها القوى الاستعماریة والتی کانت فی مجملها مشاریع استثماریة متعددة الأوجه واحدة الاهداف ولئن کان استغلال الدول الاستعماریة الاقلیات والطوائف الدینیة اسلوبا من أسالیب نفوذ عجلة الاستعمار وسحقها لاشعوب، فلقد شهدت ولایة سوریة العثمانیة منذ فترة مبکرة من تاریخها الحدیث محاولات القوى الاستعماریة لاستخدام الطائفة الیهودیة ضمن خططها ومشاریعها الاستعماریة فقد ارتبطت فکرة نابلیون لانشاء دولة یهودیة فی فلسطین بخططه لاقامة امبراطوریة استعماریة فرنسیة فی الشرق أواخر القرن الثامن عشر . کما ارتبطت فکرة انشاء ارسالیة دینیة فی القدس عام 1849 من لدن الروس بمحاولات روسیا الاستعماریة فی البلقان على حین اتضحت الاطماع الاستعماریة البریطانیة فی المشرق العربی عن طریق تشجیعها لخطط الاستعمار الیهودی فی فلسطین ویذکر أن عددا من رجالات الاستعمار البریطانی کانوا قد رضعوا عام ۱۸۳۸ جملة مشاریع الاسکان الیهود فی فلسطین وانشاء دولة یهودیة تحت الحمایة البریطانیة فحظیت تلک الخطط بتأیید بالمرستون رئیس الحکومة البریطانیة بعد أن رای فیها ضمانا لأمن المواصلات الامبراطوریة . ومن جهة أخرى فقد کتب بالمرستون إلى قناصل بریطانیة کافة فی غرب آسیا طالبا منهم تأیید حمایة الیهود الذین زعم أن انکلترا ستنعی من اجل تحقیق .
عودتهم إلى فلسطین لیکونوا عونا للانکلیز على محمد علی باشا الذی بات خطره یهدد المصالح الامبراطوریة.
وبالرغم من استجابة بعض کبار المتمولین الیهود وتأیدهم لخطط بالمرستون الا ان انقسامات خطیرة نشبت من الیهود الغربیین والصهیونیین السیاسیین وذلک حول الآفاق والابعاد النهائیة لعملیة الاستیطان الیهودی فی فلسطین . .