الفِكرُ الفلسفي في شِعر الصَّحابة- دِراسةٌ في ضَوءِ نظريَّةِ الحِجَاج التداولية

إنَّ الأدبَ ولاسيما الشِّعر أرضٌ خَصبةٌ للعُلومِ والمَعارف ؛ وهو شمُوليٌّ بآفاقهِ وتصوُّراتهِ لأنَّه يَستلهمُ القضايا والمَوضُوعات التي تُناسب هُويتهُ ويعملُ على تطوِيعها بطُرقٍ مُغايرةٍ للإفادةِ منها وجعلها مَدارَ عِنايته؛ لذا فهو صِنونٌ لا يفترق عن الفلسفةِ بأبعادِها المُختلفةِ يُؤثرُ فيها وتُؤثرُ فيه بمقدارِ الإدراكِ المُتوافرِ والمُراد ؛ فيأخذُ مِنها المفاهيمَ العامة والقضايا الشَّامِلة ويبتعدُ عن التخْصيصِ والتَّقاناتِ والبراهين التي هي مَدارُ عَملها الأساس ، وعلى الرَّغمِ مِن الحذَرِ الشَّديدِ في التَّعامُلِ والاندماجِ تبقى المَسافةُ قريبةً بينهما ؛ مِمَّا يُولِّدُ ذلك نَمطاً من الأفكارِ المُستجدَّةِ التي تجمعُ بين الأحاسيسِ والضَّوابط ؛ وهذا ما يجعلُ مَنظومةَ النَّقدِ مِفْتاحاً ناجحاً لسبْرِ أغوار التَّلاقُحِ بينهما لكشفِ مَكنونات الثورةِ المَعلوماتيَّةِ الناشئةِ من التقائهما ، ولقِيمةِ هذه الخصِّيصةُ إرتأينا دراسةَ الفكرَ الفلسفيّ في شِعر الصَّحابةِ بالإستنادِ إلى نظريَّةِ الحِجاجِ التَّداوليَّةِ التي سَنكشفُ مِن خِلالها عُمقَ ذلك الفِكر وملامح تكوينهُ على وُفقِ ضَوابط الحِججِ التي تعملُ بطاقتِها التَّصحيحيَّةِ لتغيير المَعارف المُستوطنةِ في ذِهنيَّةِ المُتلقي ، وبحسبِ هذا المسار جاءتْ خُطةُ البحثِ على النَّحو الآتي :التَّمهِيدُ : تداوليَّةُ الحِجَاج : وفيهِ تحدَّثنا عن قوةِ الحِجاجِ في تصحيح الأفكار وترمِيمها والإفادة منها بطُرقِ المُناورةِ والتَّوجيه .المِحورُ الأول : حِجَاجُ التَّبرِير : سلَّطنا فيه الضوءَ على حِجاجِ المُقدِّماتِ والمُسوِّغات ، وحِجاج مُراعاةِ المَقاماتِ والأحوال ، وحِجاج السُّلطة ، وبيَّنا دورَها في عرضِ الفِكرِ الفلسفيِّ لدى الصَّحابة ؛ ونجاحَها في إحداثِ التَّغييراتِ المَنشودة .المِحورُ الثاني : حِجَاجُ الإستشهاد : وفيه تحدَّثنا عن حِجاجِ الاستشهادِ بالقُرآنِ الكريم والاستشهادِ بالمُثلِ والعَادات ، وبيَّنا دورهما في تشكيلِ المَفاهيم وتنْقِيتها مِن الزَّوائد . وخِتاماً نسألهُ تعالى السَّدادَ فيما قَصدنا إليه مِن حيث التَّنوير بالمَعارفِ والأساليب .