فلسفة حبّ الله: "من كنت مولاه فعليّ مولاه" في منظور كشف اليقين للعلاّمة الحلّي - دراسة موضوعية-

إن دراسة مفهوم الحب في الله و أبعاده الفلسفية تستوجب استخراج كل العناصر المتعلقة بالموضوع و تحليلها و فهمها فهما واقعيا مجردا لبلوغ المنظور الذي يشير إليه العلامة الحلّي في ما يتعلق بالشخصية التاريخية العظيمة و المؤثرة في مجرى التاريخ البشري سيما التاريخ المجتمعات الإسلامية عبر الزمان و المكان. في هذا السياق، يمكن القول أن المجتمع الإنساني الذي يتشكل من مركبات موضوعية تبلور وجوده و تفاعله و تبني مقومات كينونته، من أهمها :-مركب علاقة الإنسان بأخيه الإنسان-مركب علاقة الإنسان بالطبيعة فمن خلال الحديث الذي قاله رسول الله صلى الله و على اله و سلم : "من كنت مولاه فعليّ مولاه"( ).نستطيع أن نستخرج عناصر العلاقة التي كانت تكمن في وجدان الرسول صلى الله و على اله و سلم تجاه عليّ بن أبي طالب و قد أشار إليها العلامة الحلّي في كتابه كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين حيث روي عبد الله بن أبي طالب قال: لمّا نظر رسول الله-صلى الله عليه و اله و سلم- إلى الرحمة هابطة، قال:" ادعوا لي، ادعوا لي" فقالت صفيّة، من يا رسول الله؟ قال:" أهل بيتي عليّا فاطمة و الحسن و الحسين". فجيء بهم فألقى عليهم النبيّ –صلى الله و عليه و اله و سلم- كساه ثمّ رفع يديه ثمّ قال:" اللّهم هؤلاء آلي فصلّ على محمّد و آل محمّد" ( )، و منها انزل الله سبحانه و تعالى قوله:" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)"( ). وباعتبار أن المجتمع الإسلامي بما فيه من خطوط و من علاقات و اتجاهات عامة يتأثر وينبثق و يتفاعل مع وجهة النظر القرآنية و الوحي النبوي فان ادوار مركبات و عناصر مكوّنات المجتمع الإسلامي تتحدد طبيعيا وفق تكامل علاقة الإنسان بأخيه الإنسان و علاقة الإنسان مع الطبيعة.وبناء على ما سبق’ نستطيع القول أن الصيرورة الموضوعية للأدوار المتفاعلة في المجتمع لا يمكن لها أن تزيغ عن القاعدة الأصلية لعنصر الثبات في النصّ القرآني و الحديث النبوي الشريف. لان هذي القاعدة هي التي سوف تبلور المنهج الصحيح الذي ينبغي أن تتخذه كل العناصر المكونة للمجتمع لاسيما المجتمع الإسلامي، باعتبار أن هذه القاعدة هي التي تشكل الأحكام ذات الطابع الثابت و المستمر في الزمان و المكان و المصبوغة بالنظرة الكاملة و الشاملة للحياة الاجتماعية .لكن منطقة الفراغ التي حدثت بين عناصر التفاعل مباشرة بعد أن انتقل رسول الله – صلى الله و عليه واله و سلم- إلى الرفيق الأعلى جعلت أن يكون هناك مرونة متحركة في الزمان و المكان في موقف عليّ بن أبي طالب – عليه الصلاة و السلام- و ذلك بهدف استمرار صيرورة المجتمع الإسلامي وفق المبادئ و القيّم التي تعكس واقع التشريع الإسلامي بما يحمله من مرونة و تفاعل بين علاقة الإنسان بأخيه الإنسان و علاقة الإنسان بالطبيعة.