البلاغة الحاسوبية حقلٌ بينيٌّ مُقترح
الملخص
يراهن هذا البحث على المساهمات المنتجة في حقل الحاسوب وما يرافقه من تطور في مجال الذكاء الاصطناعي على تغذية وتطوير الدرس البلاغي بوصفه جزءاً من المنظومة اللسانية العربية، ولذا ستكون هناك خمسة محاور، أولها: محور الحقل البيني منطقة تفاهم بين العلوم الانسانية والطبيعية وفيه التركيز على إشكالية التعاون بين الحقول المعرفية بوصفها حلاًّ لازمة التفاهم بين المعرفتين العلمية والانسانية وانتاج ما يمكن الاصطلاح عليه بـ(تكامل المعرفة). أمّا المحور الثاني، فهو مراجعة مفهوم البلاغة حاسوبياً، إذْ لا يمكن قبول اتجاه بلاغيٍّ محددٍ – مع وجود تقليد مسبق للمفهوم البلاغي- ما لم يتمُّ تحرير المفهوم، بما يناسب الدراسة المقترحة، ولذا سيكون هذا المحور بوابةً لفهم ما نتبناه في هذا البحث وهو (البلاغة الحاسوبية)، والمحور الثالث: البلاغة الحاسوبية وعلاقتها بالبلاغة الرقمية، فمن أهم مسوغات قبول عمل ما، هو وضع حدود له ولوظائفه ومفاهيمه حتى لا يكون عِرضة لإشكالية التداخل مع اتجاهات مماثلة أو مقاربة له، وهذا الأمر ينطبق بشكل واضح على العلاقة بين البلاغة الحاسوبية والبلاغة الرقمية، ولذا يتكفّل هذا المحور بحلّ هذه الاشكالية وبيان خصائص كل اتجاه منهما. وكان مجال المحور الرابع هو المجال التطبيقي، إذ نحاول الاقتراب من بعض تطبيقات البلاغة الحاسوبية على الرغم من أن هذا البحث سيكون بداية للبحث البلاغي العربي المعاصر في كشف العلاقة بين البلاغة والحاسوب، وافادة البلاغة من حق علمي يمتاز بلغة علمية، لكنّ البحث حاول أنْ يواصل الانتقال من منطقة المفهوم والنظرية إلى الاجراء والممارسة، فالاتفاق الذي لا يمكن تجاوزه على أن البلاغة طريقة يمكن تطبيقها على جميع الاحداث التواصلية هو ذاته الذي يعيد إلى اذهاننا حديث البلاغي الامريكي كينيث بيرك (أينما وجد الاقناع ، توجد البلاغة) ولا شك أن الاقناع يحتاج إلى وسائل حجاجية تؤكّد تحققه، وقد قدّمت شركة IBM المتخصصة بالتقنيات أحدَ أهمِّ مشاريع انتاج الحجج وهو مشروع (Watson Debater tool) وهو يمثّل أداةً حاسوبيةً تفيد المتناظرين على ايجاد الحجج لدعم أو مهاجمة أطروحة الآخر والوصول إلى الاقناع. وهناك أيضاً نظام حاسوبيّ – بلاغيّ يعمل على ابتكار الحجج هو نظام كاردنيس للحجاج (The Carneades Argumentation System). وانتهى البحثُ بالمحور الخامس الذي يمثّل النتائج والمقترحات. فلاشك أنّ الذكاء الاصطناعي هو عمليةُ مراهنةٍ خطيرة، ولعلّ الاكثر إثارة في هذا الموضوع ربطه بعوالم مختلفة وراكدة في العالم الورقيّ والشفاهيّ، والبلاغة هي أحد هذه العوالم، ولذا سأقدم بعض المقترحات للإفادة من الحاسوب لمساعدة الباحثين في البلاغة العربية، اذ من حقّ البلاغة أن تفيد من العلوم الاخرى مثلما قدّمت طيلة القرون الماضية خدمة للعلوم الانسانية مثل علوم القران والنقد وعلم الاصوات والدلالة.