أَثَرُ الدَّلالَةِ المِحْوَرِيَّةِ للجذرِ في تَعرِيبِ الأَلفاظِ

إن لكلِّ جذر لغويٍّ في العربية دلالةً محوريةً واحدةً، أو قد تكون أكثر من واحدة في عدد من الجذور اللغوية، وهو ما يمكن أن نسيمه (المعنى العام) الذي يُلمح في جميع اشتقاقات ذلك الجذر، وقد أطلق عليه أحمد بن فارس (ت395هـ) الأصل في معجمه مقاييس اللغة، وقد ضمَّنَ الأصلَ معانيَ ألفاظٍ عربيةٍ خالصةٍ مشتقة من الجذر متجنِّبًا ما كان مُعَرَّبًا.وقد قامت فكرة البحث على برهنة أَنَّ العرب كانوا على مِساس مباشر وإدراك واسع لفكرة الدلالة المحورية والمعنى العام قبل أن يتم التنظير لها وتطبيقها في معجم مقاييس اللغة بشكل موسَّع ومُتَبَحَّرٍ فيه، وحتى قبل الإشارات البسيطة للعلماء الذين سبقوا ابن فارس كالخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ) وابن دريد الأزدي (ت321هـ) وغيرهما، بدليل ظهور أثر (الدلالة المحورية) في الألفاظ الأعجمية عند تعريبها، ولا سيما أنَّ كثيرًا من الألفاظ تم تعريبها قبل ظهور الإسلام.إِنَّ تعريبَ الألفاظِ الأَعجميّة وتغيير أَصواتِها لم يكن لمجرَّدِ موافقةِ العربيةِ في أنظمتها الصوتية والصرفية بل تعدَّى ذلك إلى المشابهة الدلالية وانضوائها تحت الدلالة المحورية نفسها للجذر الذي تشابهه في أصواتها الأصول، فكأنَّ المُعَرِّبين اختاروا الأصواتَ التي تقرِّب اللّفظ الأعجمِيَّ الأصل من الجذر العربي ومن الدلالة المحورية لذلك الجذر.