ثقافة المكان وأثرها في الشخصية الروائية رواية ( ليلة الملاك) أنموذجاً
الملخص
تشكل ثقافة المكان فضاء بنية نصية معرفية في العمل الروائي ، تنهض ببنيات النص التي تشكلها عناصر الرواية ، من أفكار وشخصيات وأحداث وخيال ...الخ . لذا ، فالمكان هو دالة حركية ثقافية لها قوانينها المعرفية ، يفصح عن وجوده وفعله من خلال إمكانية قدرته على التفاعل الحي بين هذه العناصر ، ويشارك في تكوينها وبلورتها بما يتناسب ومساحة الحوار وأشكاله ، والصراع الذي يتشكل في الرواية . ولعل قدرة الكاتب الروائي المبدع في عملية انحراف المكان عن وجوده الواقعي إلى متخيل , يعطي الرواية مديات ثقافية ورؤيوية واسعة ، لاحتمالات كثيرة ومتعددة , يخلقها الكاتب من خلال السرد ، بحيث تتجاوز معطيات الذاكرة فيحقق بذلك وظائف عديدة تتعلق بتقنيات النص ، وتحقيق التجربة الفنية .ولعل هذا ما نجده في رواية ( ليلة الملاك ) لنزار عبدالستار عندما جعل الموصل متمثلة بالاقليعات ( الموصل القديمة ) مكاناً لأحداث روايته ، ومن رموز الحضارة الآشورية, سنحاريب وآشوربانيبال ، وآسرحدون ، وتفاعل أنساق الحوار بينها وبين الرموز الموصلية الحديثة على المستويين المدني والشعبي دليلاً حياً لثقافة هذا المكان .لقد حاول نزار عبدالستار ومن خلال التركيب الفني للشخصيات ، وتداخل الأحداث والصراع تغيير النسق الحواري ، الذي اعتمد تنويعهاً في الجمل ، مابين النحوية والأدبية ، والثقافية ، كما بدت في الرواية مستويات متنوعة من تداخل اللغات القديمة والحديثة ، أو تداخل اللغتين الآشورية والعربية ، وبذلك ، فقد استطاع الراوي أن يجعل من ثقافة المكان فضاء الرواية الذي يطل منه على العالم . أما الباحث فقد تناول ( موضوع ثقافة المكان وأثرها في الشخصية الروائية ) من خلال مقدمة تنظيرية بذات العنوان ، مبيناً أن المكان هو مساحة ثقافية ، حركية ، للتفاعل والتواصل مع وبين الآخرين من خلال تلاحم الأحداث وتشابكاتها ، وتفاعل الشخصيات في حواراتها، وأن ثقافة المكان في العمل الإبداعي تتجاوز حدود المكان الجغرافي إلى الزمني المتغير، عندما تمارس الثقافة فعلها الإيجابي على مستوى الحضور والتفاعل والتجدد .أما ثقافة المكان في رواية ( ليلة الملاك ) ، فقد عالجها البحث من خلال المعطيات الثقافية والفكرية التي تناولتها الرواية ، وتمحورت في مقدمة وستة محاور :أولا – ثقافة المكان الموصلي القديم ( التاريخي ) . ثانياً – ثقافة المكان الموصلي في محورين : 1 – العادات والتقاليد الموصلية . 2 – الألفاظ العامية الموصلية .ثالثاً – ثقافة الأحياء الموصلية القديمة والحديثة .رابعا – ثقافة الأيام والمناسبات الموصلية .خامساً – ثقافة الفلكلور والتراث الموصلي .سادساً – الرموز الحديثة في ثقافة المكان الموصلي . إن ثقافة المكان الموصلي في الرواية الموصلية هي ثقافة عراقية في كل أصولها وامتدادها التاريخي على مر العصور ، ولا تنفصل عنها ، بل تتحد بها في كل الاعتبارات الفكرية والثقافية والاجتماعية ، ولكن من أجل أن نحقق ثقافة المكان ، فإن لكل مكان رجاله ونساءه من مفكرين وفنانين يمثلون هذه الثقافة ومعالمها ، وهذا ما توخاه الباحث في بحثه .