الببلوغرافيا الإسلامية بين الوعي العلمي والتاريخي

تقف الببلوغرافيا الإسلامية في تدويناتها من العلم والتاريخ موقفاً تلازمياً في خدمة المسيرة العلمية من جهة والقدرة التوثيقية من جهة أخرى فالعلم بتراكم المعرفة وتداخلها لا يقدم رؤياه الواضحة من دون ما قدمته الببلوغرافيا من تأطير لأوجه العلم المتعددة و تحديداتها المنهجية لخصوصية كل معرفة إنسانية  إن المعارف الإنسانية ذهاباً إلى الدراسات البينية ذات الالتقاءات المعرفية وليدة الصبغة التكاملية في الوصول إلى القيمة العلمية المستهدفة لا تجد نفسها مستقلة ومستغنية عن التدوينات البلوغرافية الإسلامية التي سبقت عصر النهضة العلمية في أوربا وأضاءت له الطريق إلى التألق العلمي والمعرفي فيما بعد كما هو العقل الموسوعي الجامع لشتات المعارف الإنسانية يجد نفسه منها موقف المستعين المهتدي بما تقدمه من رؤى علمية رصينة إن التاريخ العلمي للمعرفة الانسانية يبقى يدين لذلك العلم العظيم الذي صنف المعارف وبوبها وأتاح للدارسين سلوك تلك المعارف بأريحية الواثق فيما يتعلم أو يعلم إن المزج الذي يتركه الباحثون في المعرفة تلغي الاختصاص وتدعو إلى الفوضوية في التعامل مع الكمّ المعلوماتي لكل معرفة والتي تؤدي إلى الإضلال المعرفي ومن ثم إلى التناقض المعرفي ما بين مدخلات المعارف الإنسانية ومن ثم إلى التعثّر الحضاري إن الاكتناز المبكر للتصنيفات العلمية التي تتركها الببلوغرافيا ما بين أيدينا تتركنا الأقرب إلى الحقيقة العلمية من خلال ما ترسمه من خرائط معرفية  واضحة إذ نجد العلماء المسلمون والباحثون المعاصرون منهم قد جدوا بتحديدهم  لأنواع الفرق الإسلامية مثلاً كما صنفوا التجمعات الفكرية التاريخية والمعاصرة منها وضعاً للإفكار والاجتهادات الإنسانية تحت مظلة التحليل والمقارنة والنقد إن الببلوغرافيا الإسلامية لازالت بما قدمه المحدثون من موسوعات علمية تاريخية قادرة على إنضاج المعرفة الإنسانية عموماً والمعرفة الإسلامية على وجه الخصوص من خلال الجهد البحثي المتواصل في مواكبة النتاج العلمي المتسارع في الساحة العالمية والمحلية وتقوم الببلوغرافيا من خلال عملها بالمقارنة غير المباشرة ما بين النتاج العلمي للأمة الإسلامية والمعرفة العالمية وما تتصف به من دقة سيكون المعيار في بيان مدى التأخر الحضاري الذي تعيشه الأمة ومدى قدرتها على التدارك التنموي لحاقاً ببوابة المعرفة الأممية الجامعة للجنس البشري.